

شارك عطوفة أمين عام المجلس الأعلى للسكان الأستاذ الدكتور عيسى المصاروه، ومدير الدراسات والسياسات علي المطلق في فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية في نسخته الثالثة، والذي نظمته وزارة الصحة والسكان في جمهورية مصر العربية خلال شهر تشرين الثاني 2025، تحت شعار "تمكين الأفراد، تعزيز التقدم، إتاحة الفرص"، وذلك تحت رعاية رئيس الجمهورية المصرية عبدالفتاح السيسي، وافتتح المؤتمر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري والذي أكد في كلمته أن ملف الصحة يحتل أولوية قصوى في التنمية البشرية، واستغلال جميع الإمكانات لتعظيم الاستفادة والتكامل بين مختلف الجهات، بمشاركة واسعة من منظمات دولية وإقليمية وخبراء في مجالات التنمية المستدامة.
وهدف المؤتمر إلى تعزيز التنمية البشرية المستدامة من خلال الاستثمار في التعلم مدى الحياة، والمهارات الرقمية، وضمان المساواة في فرص التعليم والعمل للجميع، وتعزيز العدالة الصحية والاجتماعية عبر توسيع نطاق التغطية الصحية الشاملة، ودمج المحددات الاجتماعية للصحة ضمن السياسات العامة، مع إعطاء الأولوية لحماية الفئات الأكثر ضعفًا. بالإضافة إلى تمكين الأجيال كافة عبر دعم المشاركة الفعالة في المجتمع، وتشجيع الشيخوخة الصحية والمنتجة، وإتاحة الفرص الكاملة لإطلاق طاقاتهم في مسارات التنمية. وتعزيز الهوية والتماسك الاجتماعي من خلال توظيف الثقافة والرياضة كوسائل فعالة لبناء الانتماء المجتمعي، وتعزيز المرونة والمشاركة المدنية، والإستجابة للتحديات العالمية المرتبطة بالهجرة، والتغير البيئي، والهشاشة السكانية، عبر تبني حلول مبتكرة قائمة على المعرفة، تتماشى مع التحولات العالمية الراهنة.
وقد تضمن المؤتمر عدة محاور تعكس رؤية شاملة للتنمية البشرية، وتضع الإنسان في صميم السياسات العامة، وشملت تعزيز ترابط الصحة مع التعليم والسكن والاقتصاد، من خلال سياسات عادلة تضمن التغطية الصحية الشاملة وضمان خدمات ميسورة التكلفة وذات جودة، بالإضافة إلى اقتصاد الرعاية والتنمية الشاملة من خلال إبراز القيمة الاقتصادية والاجتماعية لأعمال الرعاية، ودعم مشاركة المرأة وتمكينها كركيزة للنمو المستدام، وكذلك الحماية الاجتماعية والعدالة الاقتصادية عبر تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، للحد من الفقر وتقليص الفجوات المجتمعية. كما تضمن التعليم والتعلم مدى الحياة محور يركز بناء أجيال قادرة على مواكبة التحولات الحالية والمستقبلية، من خلال تعليم مرن وشامل. فيما يركز الاستثمار في الشباب على إعداد الشباب بالمهارات والفرص اللازمة للمستقبل، وتمكينهم كشركاء فاعلين في التنمية والتحول الرقمي، ومحوراً للثقافة والرياضة والهوية الوطنية. بالإضافة إلى محور ديناميكيات السكان من خلال تحويل التحديات الديموغرافية المتعلقة بفتوة السكان وبالشيخوخة والتحضر والهجرة إلى فرص للنمو الشامل، وكذلك محور عنَ الشيخوخة الصحية وطول العمر من خلال توسيع نطاق الرعاية والدعم لكبار السن، وتعزيز مشاركتهم في الحياة المجتمعية والاقتصادية، بالإضافة إلى محور الهجرة والبيئة والهشاشة السكانية والتعامل مع تداعيات تغير المناخ والنزوح والهجرة عبر حلول مبتكرة تعزز القدرة على الصمود، ومحوراً للابتكار الرقمي الذي يعكس قيادة التحول في الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية عبر التكنولوجيا.
واختتم المؤتمر بإصدار عدد من التوصيات موزعة على ثلاثة محاور رئيسة، تضمنت التوصيات على المحو الأول وهو محور السكان والتنمية، دمج الرؤية التنموية في ملف السكان بمنظور شامل يشمل التمكين الاقتصادي والاجتماعي، عبر خطة سكانية موحدة ووفق نهج “مسار الحياة”؛ وإنهاء الاحتياجات غير الملباة لوسائل تنظيم الإنجاب والحمل غير المخطط بتوفير وسائل تنظيم أسرة طويلة المفعول ومبدأ "لا للفرص الضائعة"؛ وتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا برفع مساهمتها في سوق العمل عبر التشريعات؛ ورقمنة البيانات السكانية وتحويل المناطق الحمراء إلى خضراء عبر منصة رقمية موحدة وذكاء اصطناعي.
وتناولت توصيات المحور الثاني المتعلقة بالخدمات الصحية الاستثمار في الرعاية الأولية بتحويل الوحدات الصحية إلى مراكز متكاملة وتطبيق “الصحة الواحدة” و"مسار الحياة"؛ وتخفيض الولادات القيصرية غير المبررة ووفيات (الأمهات/المواليد) عبر إستراتيجية الولادة الطبيعية، وحوكمة القطاع الخاص، ومراكز تميز صديقة للأم والطفل؛ واستدامة فحص الأمراض غير السارية، وحملات التغذية ومكافحة التدخين، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتوزيع الخدمات في المناطق النائية وربط قواعد البيانات؛ وتمويل صحي مستدام عبر شراكات عام-خاص، تأمين شامل، وضرائب على التبغ/المواد الضارة؛ مع معايير اعتماد ومركز اتصال متعدد اللغات، وإصدار قانون تنظيم الصحة الرقمية.
وتركزت توصيات المحور الثالث المتعلقة بالتنمية البشرية على تعزيز التعليم والتدريب مدى الحياة بتوسيع التعليم الفني بإنشاء معاهد؛ وإدماج مهارات الذكاء الاصطناعي؛ وتمكين الشباب والنساء عبر برامج قيادة، ريادة أعمال، تصحيح الأدوار الجندرية، وإشراك الشباب في السياسات؛ وحماية اجتماعية شاملة تشمل العاملين غير الرسميين، مرتبطة بالتأمين الصحي/التعليم، ودعم الانتقال إلى قطاعات العمل المنظم؛ وتعزيز التعاون متعدد الأطراف عبر منصات (إقليمية/دولية) لتبادل خبرات في الذكاء الاصطناعي، "الصحة الواحدة"، والحماية الاجتماعية.