شركاء في صناعة المستقبل
الاردن يشارك العالم الاحتفال باليوم الدولي للمهاجرين
الاردن يشارك العالم الاحتفال باليوم الدولي للمهاجرين
الأربعاء, 18 كانون الأول 2019

يحتفل الأردن والعالم اليوم الاربعاء باليوم الدولي للمهاجرين، والذي يصادف في الثامن عشر من كانون الأول من كل عام، ويحيي العالم هذا اليوم تحت شعار «يوم بلا مهاجرين»، في ظل ظروف دولية الراهنة والتي تميزتها هجرة الآلاف عن ديارهم وبلدانهم اما كسباً للرزق او جراء النزاعات المسلحة والصراعات الطائفية والخسائر الكبيرة في أرواح البشر.

ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى التعريف بهذه المشكلة العالمية، ورفع مستوى الوعي العام لدى الشعوب والحكومات نحو القضاء على جميع اشكال التمييز، وتمهيد الطريق لاستقطاب المهاجرين في البلدان المستضيفة لهم، وضمان حقوقهم المشروعة في العيش بسلام في جميع انحاء العالم، والعمل بالمواثيق والمعاهدات والتوصيات الدولية.

وأكد المجلس الأعلى للسكان في بيان صحفي خاص بهذه المناسبة أن رؤيته تتمثل بالاهتمام بالبعد السكاني الذي يصب في تحقيق التنمية والرفاه لمكونات المجتمع الأردني بمن فيهم فئة السكان المقيمين غير الأردنيين على الأراضي الأردنية، ودراسة خصائص هذه الفئة، حيث يتواجد حوالي 57 جنسية في الاردن، ومن اكثر هذه الجنسيات عدداً حسب التعداد للسكان والمساكن لعام 2015، السوريون والذين بلغ عددهم حوالي مليون و300 الف، والعراقيون حوالي 131 الف، والفلسطينيون حوالي 634 الف، المصريون حوالي 636 الف، وعاملات المنازل من مختلف الجنسيات حسب تصاريح وزارة العمل اللواتي بلغ عددهن 91 الف تقريباً ، بالإضافة لباقي الجنسيات الأخرى والذين يشكلون ما نسبته 30.6% من السكان.

ووفقَاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR  فقد ارتفع عدد اللاجئين الذين تُعنى بهم المفوضية في الأردن  في عام 2018 بمعدل 5% عما كان عليه، ويتوزعون في مختلف أنحاء البلاد، حيث تستحوذ محافظة العاصمة على 33% منهم، تليها محافظة إربد 24%، ومحافظة الزرقاء والمفرق بنحو 17% و15% على التوالي، ويقدر عدد سكان الأردن في عام 2018  بنحو 10.3 مليون، من بينهم 3 مليون غير أردنيين.

وأشار المجلس إلى أن موضوع الهجرة يعتبر من المواضيع ذات الاهتمام المتزايد من قبله كونه أحد عناصر ديناميكيات السكان إلى جانب المواليد والوفيات، ويؤثر في حجم وتركيبة السكان وفي معدلات النمو السكاني والاقتصادي والمستوى المعيشي لهم، مبيناً أن الاهتمام بهذا الموضوع يأتي من خلال اجراء الدراسات والأبحاث حول المهاجرين وعقد الندوات وورش العمل للوقوف على أثر اللجوء وتحديداً اللجوء السوري وتأثيره على البعد السكاني للاردن، حيث أعد المجلس العديد من الدراسات المتخصصة منها ابرزها، دراسة "الخصائص السكانية للسوريين في الأردن وفرص معالجة تحديات اللجوء على سوق العمل الأردني"، وملخص "الخصائص السكانية للسوريين في الأردن 2018"، ودراسة "زواج القاصرات في الأردن 2017"، وملخص سياسات "زواج القاصرات في الاردن"، ودراسة "خدمات الصحة الإنجابية المقدمة للسوريين المقيمين خارج المخيمات في الأردن عام 2016” وملخص سياسات عن هذه الدراسة.

ولفت المجلس إلى أن الأردن إستقطب أعداداً كبيرة من السكان نتيجةً للهجرات الخارجية القسرية أوالطوعية، وكانت أوائل هذه الهجرات القسرية منذ زمن امارة شرق الاردن عام 1921، والتي تمثلت بالهجرات الشركسية والشيشانية خلال الفترة بين عامي (1878 – 1905)، والذين قدموا بعد اندلاع الحرب بين روسيا والدولة العثمانية آنذاك، والهجرات الأرمنية والذين قدموا عقب الحرب العالمية الأولى.

 كما استقبل الأردن منذ استقلاله في عام 1946 المزيد من الهجرات، نتيجة للاحداث التي عصفت بالمنطقة، والمتمثلة في نشوء حروب أعوام 1948 و1967 وحرب الخليج 1990، حيث قدرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين حجم الموجة الأولى من الهجرات القسرية التي صاحبت النكبة الفلسطينية عام 1948 بحوالي 400 ألف لاجئ، أما الموجة الثانية التي صاحبت حرب حزيران عام 1967 فقدرت حجم الموجه بحوالي 350 ألف نازح، والثالثة بعد حرب الخليج عام 1990 بحوالي 220 ألفاً، كما أظهرته نتائج التعداد العام للسكان والمساكن عام 1994.

أما في عام 2011 فقد توالت موجات هجرات اللاجئيين السوريين خلال الأربعة سنوات التي سبقت التعداد العام للسكان والمساكن 2015، بفعل اللجوء القسري من بلدهم بسبب الحرب الدائرة هناك، إذ بلغ عددهم حوالي مليون و300 ألف لاجىء حسب نتائج التعدادام للسكان والمساكن 2015، منهم حوالي 700 ألف مسجلين لدى المفوضبة السامية للاجئين، كما وبين التعداد أن السوريين يشكلون حوالي 13.3% من اجمالي السكان، ويقيم 89% منهم في المدن والقرى الأردنية و11% في مخيمات اللجوء.

ويُعتبر الأردن بلداً طارداً وجاذباً للمهاجرين على حد سواء حيث يعمل في الخارج ما لا يقل عن مليون عامل أردني معظمهم في دول الخليج، وتقدر عوائدهم السنوية بحوالي 2 مليار دينار، في حين يضم سوق العمل الأردني أعداداً كبيرة من العمال المهاجرين يقدر عددهم بحوالي المليون ونصف عامل تقريباً، وبلغ عدد المنظمين منهم حوال 407 الف في عام 2018 حسب تصاريح العمل الممنوحة، والباقي غير منظمين، كما لا زال العمال المصريون يشكلون الجزء الأكبر من هؤلاء العمال، اذ بلغت التصاريح الممنوحة لهم حوالي 223 الف  في عام 2018، يليه العاملات في المنازل وبلغ عددهن حوالي 91 الف في نفس العام، اما السوريون فقد بلغ عدد المسجلين منهم رسمياً لدى وزارة العمل حوالي 46 الف عام 2018.

وأشار المجلس إلى أن الاردن يعمل على حماية حقوق المهاجرين أفراد وجماعات، حيث تم وضع التشريعات التي تضمن حقوقهم كقانون العمل الاردني والضمان الاجتماعي وقانون العقوبات وقانون منع الاتجار بالبشر وقانون الإقامة وشؤون الأجانب.

 ولفت المجلس إلى أن التوزيع الجغرافي للسكان يتباين بين محافظات المملكة وبين الحضر والريف، بشكل لا يتماشى مع المتطلبات الاقتصادية والبيئية ومنجزات الأهداف التنموية، حيث يتركز حوالي ثلاثة ارباغ سكان المملكة في ثلاثة محافظات هي (العاصمة، الزرقاء واربد) بنسبة تقدر بـ 74.8 %، وفي محافظات الجنوب (الكرك والطفيلة ومعان والعقبة) بنسبة تقدر بـ 8% من مجموع سكان المملكة، مبيناً أن ذلك كان له اثر كبير على الكثافة السكانية بين المحافظات، والتي كان أعلاها في محافظة اربد إذ بلغت (1216.2 شخص لكل كم2)، وأدناها في محافظة معان حيث بلغت (2.5 شخص لكل كم2) حتى نهاية عام 2018، كما بلغت نسبة السكان في المناطق الحضرية حوالي 90.3% ، وفي المناطق الريفية 9.7 %.

 وبين أن التوزيع غير المتوازن للسكان كان نتيجةً لإختلاف توزيع الخدمات والبنية التحتية وتوافر فرص العمل في مناطق دون غيرها، وهذه العوامل أدت إلى إنتقال السكان من أماكن إقامتهم إلى مناطق أخرى تلبي متطلباتهم، كما إن إنتقال الأفراد داخل حدود المملكة بين المحافظات أو داخل المملكة من الخارج تعتبر من أهم العوامل التي أدت إلى إحداث التغيرات في الجوانب الديموغرافية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها سواء في مناطق الإرسال أو في مناطق الإستقبال.

 وأشار إلى أن اقتصاد الأردن يتصف بعدم التوزيع الأمثل للموارد الطبيعية والإقتصادية ومكتسبات التنمية على مختلف المناطق الجغرافية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تفاقم ظاهرة الهجرة الداخلية من المناطق الأقل حظاً في مكتسبات التنمية إلى المناطق الأوفر حظاً من تلك المكتسبات، وكذلك الهجرة من الأرياف إلى المناطق الحضرية، وهناك تباين واضح في معدلات الهجرة الوافدة للمحافظات في المملكة من خلال ما اظهرته بيانات التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015، إذ أن أعلى معدل هجرة صافية كان في محافظة العقبة والذي بلغ (19.9%)، وادناها في محافظة اربد (2.3%)، كما إن أكثر محافظات المملكة جذباً وطرداً للسكان هما محافظتي العاصمة والعقبة، واحتل إقليم الوسط المرتبة الأولى بين أقاليم المملكة في استقطاب المهاجرين، ومحافظة العاصمة المرتبة الاولى في استقطاب المهاجرين غير الاردنيين اليها، وأن حوالي ما نسبتة 15% من السكان قد كان لهم هجرة بين محافظات المملكة.

وبين المجلس أن من ابرز التحديات التي يواجهها الأردن بسبب اللجوء تتمثل بالضغوط المتزايدة على الموارد المحدودة للمصادر المائية والخدمات العامة والنمو الاقتصادي والتجارة والصادرات والسياحة والاستثمارات، والتي أدت الى زيادة العجز في الموازنة والدين العام، حيث أن التكلفة السنوية المباشرة لاستضافة اللاجئين السوريين في المملكة بلغت حوالي 2.3 مليار دولار، بينما قدرت التكلفة  السنوية غير المباشرة ب 3.1 مليار دولار، إلى جانب الاثار الديموغرافية وما يترتب على ذلك من تأخر في تحقق الفرصة السكانية المتوقعة نتيجة لاختلاف أنماط الإنجاب والوفاة لدى السوريين عن الأنماط السائدة بين الأردنيين، إلى جانب الضغط على الخدمات الصحية في المستشفيات والمراكز الصحية الفرعية في المناطق الريفية المضيفة للاجئين السوريين.

 ولفت إلى انه وعلى الرغم من تحديات اللجوء السوري الا أن الاردن يسعى لتعزيز تبادل المهارات المهنية والخبرات بين العمالة الأردنية والسورية في الأردن، وتعزيز الشراكات بين المستثمرين الأردنيين والسوريين، وتهيئة البيئة الملائمة لاستثمارات السوريين في الأردن، مبيناً أن زيادة الاستثمار العام مدفوعاً بتدفّق اللاجئين السوريين، والنمو في قطاعات الصناعة التحويلية والبناء والعقارات والنقل والاتصالات والخدمات، ادى إلى زيادة معدّل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والتوسع في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والتي يشتهر بها الصناعيين السوريين، خاصة في قطاع الصناعات الغذائية، كما أن استثمارات المصانع السورية في المملكة ستعمل على زيادة صادرات الأردن من الصناعات الغذائية من جهة، وسيلبي احتياجات السوق المحلية من جهة أخرى، خاصة بعد توقف الاستيراد من سوريا، كما و ساهم السوريون في زيادة القوة الشرائية وخاصة السلع الاستهلاكية والخدمات التجارية، من خلال نقل المهارة العالية التي تتمتع بها العمالة السورية للعمالة الأردنية، وخاصة في مجال الأعمال المهنية والحرفية واليدوية، إلى جانب أن وجود التنافس على فرص العمل في القطاع غير الرسمي أدى إلى تخفيض ثقافة العيب بزيادة توجه الأردنيين للعمل المهني.

وأشار إلى أن الأردن تبنى خلال مؤتمر لندن الذي عقد في شهر شباط 2016 لدعم سوريا والمنطقة، توفير مئات الآلاف من فرص العمل للأردنيين والسوريين لتعود بالفائدة على كليهما، من خلال توفير 200 ألف فرصة عمل للاجئين السوريين بحلول عام  2020 دون إحداث خلل في سوق العمل الأردني أو التأثير على فرص عمل الأردنيين، حيث بلغ مجموع العدد التراكمي للتصاريح الممنوحة للسوريين منذ عام 2016 وحتى تشرين الاول 2018 ما يزيد عن 121 الف تصريح، ويسعى الاردن للتعامل مع أزمة اللجوء السوري وتحويلها الى فرص اقتصادية من خلال تنمية الاستثمارات وإيجاد فرص اقتصادية وتنفيذ الإصلاحات لبيئة الاعمار والاستثمار وتعزيز الاستقلال المالي فضلا عن دعم المجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين.

 وأضاف انه يتم تركيز الجهود الوطنية على التوظيف الأمثل للهجرة القسرية للسوريين كعنصر تنموي في النواحي الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، مع ضمان حقوق المهاجرين، مبيناً أن الأردن تبنى طرق مبتكرة وحديثة في استجابته للازمة السورية من خلال خطة الاستجابة للأزمة السورية للأعوام (2017 -2019)،  حيث وضع خطة التزام يتم من خلالها تحديد الاحتياجات التي يجب تلبيتها للحد من اثار الازمة على اللاجئين والمجتمعات المستضيفة لدعم المنفعة، وتعزيز المساعدات الإنسانية والتنموية في ظل هذه الازمة، وحث المجتمع الدولي على تنفيذ التزاماته بالاستمرار بتقديم المنح الكافية لدعم خطط هذه الاستجابة،  ليتمكن الأردن من الاستمرار بالقيام بواجبه الإنساني اللازم للسورييين، ولتعزيز عملية التنمية، والمحافظة على المكتسبات التنموية.