يحتفل الأردن والعالم اليوم الاثنين باليوم العالمي للموئل، والذي يصادف في أول يوم اثنين من شهر أكتوبر من كل عام، حيث تم الإعلان عن هذا اليوم لأول مرة في عام 1986، ويهدف اليوم العالمي للموئل إلى التفكير في حالة بلداتنا ومدننا، والتفكير في حق الجميع في الحصول على مأوى مناسب، وزيادة الوعي بتوجهات التحضر والتحديات القائمة.
ويأتي اليوم العالمي للموئل هذا العام تحت شعار ("احذروا الفجوة"... لا تترك أحداً ولا مكاناً خلفك)، للفت الانتباه إلى مشكلة تزايد عدم المساواة والتحديات في المدن والمستوطنات البشرية، وذلك ضمن إطار تعزيز الجهود العالمية في تحقيق هدف التنمية المستدامة الحادي عشر المتعلق بـ " مدن ومجتمعات محلية مستدامة".
ويأتي اهتمام المجلس الأعلى للسكان بالهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة ضمن إطار اهتمام المجلس في تهيئة بيئة سياسات وبرامج لمعالجة الاتجاهات السكانية في سياق التنمية المستدامة في ظل العديد من التحديات والتي من أبرزها الخلل في التوزيع السكاني والتحضر المستمر في الأردن والتدفق المستمر للاجئين.
بلغ عدد السكان في المناطق الحضرية في الأردن 10 ملايين نسمة تقريباً، ومن المتوقع أن يصل في منتصف عام 2040 حسب تقديرات الأمم المتحدة إلى 12 مليون نسمة، وستكون مدننا والتجمعات الحضرية الأخرى آنذاك شاهداً على مدى تحقيق واستثمار الفرصة الديموغرافية، والتي تتطلب شحذ الجهود الوطنية لتعزيز الاستثمار في تنظيم الإنجاب، وإصلاح نظام التعليم والتدريب وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية، والاستثمارات في التعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى تعزيز الحوكمة والكفاءة في استخدام الموارد العامة، وتلبية احتياجات وتطلعات الجميع بما فيها توفير المسكن والبنية التحتية مثل المياه النظيفة والصرف الصحي.
وقد بلغت نسبة السكان الحضر في الأردن من إجمالي السكان 90.3% عام 2021 مقابل نسب قدرها 59% عام 1979، و 78% عام 2004، وتجاوزت هذه النسبة 90% في كل من محافظات العاصمة والزرقاء واربد، وفي أدناها كانت في محافظتي معان والكرك (54%، 59%) على التوالي، ويرجع السبب في ذلك إلى التغيرات التي طرأت على معدلات النمو السكانية، وإلى التوسع في حدود التجمعات والمراكز الحضرية بحكم النمو السكاني المتزايد والذي جاء في اغلبه على حساب الرقعة الزراعية، بالإضافة إلى أن المناطق الحضرية جاذبة للسكان بطبيعتها، مما يعني هدراً كبيراً للعنصر البشري في المناطق الريفية وهدراً للأراضي الزراعية التي يفترض أن تكون احدى المقومات الرئيسية للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تشير إحصائيات الهجرة الداخلية الحياتية لعام 2015 إلى أن هناك هجرة عكسية من مراكز المحافظات إلى التجمعات الحضرية الأخرى والريف، فقد بلغ صافي الهجرة إلى التجمعات الحضرية الأخرى (13.3%) والريف (4.4%)، في حين كانت مراكز المحافظات الخاسر فقد بلغ صافي الهجرة فيها – 14.9% من مجمل سكانها، أما على مستوى المحافظات فقد كانت المحافظات الأكثر جذباً حسب نسب صافي الهجرة (العقبة، تلتها البلقاء، فالعاصمة، والمفرق).
أدى التدفق الكبير للمهاجرين إلى زيادة تركيز السكان في المناطق الحضرية الرئيسية، حيث يقيم 96.4% منهم في المناطق الحضرية، كما تبعت إقامتهم المحافظات الأكثر كثافة بالسكان، فقد استقبلت محافظة العاصمة 35.2% منهم، تليها محافظة اربد 21.8%، والزرقاء 17.6% والمفرق 15.2%، في حين استقبلت محافظات الجنوب العدد الأقل من اللاجئين 2.5%، وفرض ذلك مجموعة واسعة من التحديات في توفير الخدمات الأساسية وفرص العمل في التجمعات الحضرية الرئيسية.
ويدرك المجلس الأعلى للسكان أن الدعوة إلى المساواة في التنمية مطلب أساسي لتحقيق المساواة المكانية والاجتماعية والاقتصادية، بما تشمل المساواة في فرص حيازة المسكن الملائم، والانتفاع من الخدمات الأساسية الحضرية، والبنى التحتية، إضافة إلى الخدمات الاجتماعية، والتعليمية، والصحية، لصالح كل الفئات المجتمعية خاصة النساء والشباب وذوي الإعاقات والفئات المهمشة، وأن والتباينات في توفير هذه الحاجات يمثل تهديداً قوياً لنتائج التنمية وإمكانات تحقيق استدامتها، وتقوض التوازن في التوزيع السكاني بين المناطق الجغرافية في المملكة.
ومع قناعة المجلس الاعلى للسكان انه لا يوجد دولة في العالم يتمتع جميع مواطنيها بالمساواة الكاملة وتحقق المساواة الكاملة في كامل تجمعاتها السكنية، فانه لا بد لنا في الأردن من الاستجابة إلى جوانب عدم المساواة، من خلال وضع حوافز اقتصادية لنقل اتجاهات التوسع الحضري والاستثمارات إلى المحافظات الاقل كثافة سكانية؛ بما يساهم في معالجة الخلل في التوزيع السكاني في الأردن وتعزيز المساواة بين المحافظات، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة وتمكينها الاقتصادي، وتوفير فرص العمل للشبان والشابات الأعلى تعليماً، وتيسير حصولهم على المسكن مما يعينهم على تشكيل أسرهم.